الخميس، 15 يوليو 2010

لماذا يصاب الأولاد بالتوحد أكثر من البنات ؟


المصدر : الجمعية الوطنية البريطانية للتوحد
ترجمة : وحدة الترجمة بالجمعية السعودية الخيرية للتوحد.


ليس من الصعب التأكد من أن المصابين بالتوحد من الأولاد أكثر من البنات. وقد كان الباحث هاتس اسبيرجر يعتقد أن البنات لا يصبن أصلاً بمتلازمة طيف التوحد التي وصفها في عام 1994م ولكن الأدلة الطبية التي ظهرت بعد ذلك جعلته يغير رأيه. وفي عام 1943م قام كانر Kanner بإجراء دراسة على مجموعة صغيرة من الأطفال من فئة التوحد ووجد أن عدد الأولاد المصابين بالتوحد يصل إلى أربعة أضعاف عدد البنات المصابات، كما تم إجراء دراسة موسعة لأعراض الأسبيرجر بالمدارس العامة في السويد عام 1993م وجاءت نفس النتائج وهي أن نسبة إصابات الذكور إلى إصابات الإناث بمعدل (1:4). أما حالياً فإن نسبة إصابات الذكور إلى الإناث فيما يتعلق بحالات التوحد التي ترعاها الجمعية الوطنية البريطانية للتوحد (NAS) فهي (1:3) تقريباً.
وفي عام 1981م وجدت ونج Wing الباحثة في علم الأوبئة أن نسبة الإصابات بين الذكور بالمقارنة إلى الإناث فيما يتعلق بحالات التوحد الحاد ومتلازمة الأسبيرجر تصل إلى (1:5). كما وجدت أن نسبة إعاقات التعلم بما فيها التوحد في الأولاد بالمقارنة إلى البنات (1:2) أو ما يقاربها وأن الإعاقات في البنات تكون في العادة أشد وأكثر حدة، ومن الصعب أن نجد تفسيراً لاختلاف الجنسين (الذكور والإناث) في الإعاقة (التوحد) .

وقد أشار كل من الباحثين أتوود (2000م)، إيثر وجليبيرج (1993م) ووينج (1981م) إلى أنهم يعتقدون بأن كثيراً من البنات اللاتي يعانين من متلازمة أسبيرجر لا يراجعن الأطباء للتشخيص وبالتالي فإنهن لا يدخلن في حساب هذه النسبة. وربما يعود السبب إلى أن معايير تشخيص متلازمة الأسبيرجر تعتمد على الخصائص السلوكية التي تظهر بشكل أوضح لدى الأولاد منها لدى البنات اللاتي يحاولن إخفاء مصاعبهن حتى يتكيفن مع أقرانهن وهذه في العادة أكثر وضوحاً في المهارات الاجتماعية لدى البنات.
وهناك نظرية قامت بها ونج (Wing 1981) تقوم على شواهد عامة بين الناس وهي أن الإناث يتفوقن في المهارات الكلامية بينما يتفوق الذكور في المهارات العملية (الملموسة) وقد يكون لهذا الاختلاف أسباباً عصبية بحيث يمكن تفسير حدة ونوع التوحد من خلال الاختلافات الطبيعية للجنسين. ولكن العوامل البيئية والاجتماعية قد تلعب أيضاً دوراً في اختلاف قدرات الجنسين مما يعني عدم إمكانية رسم علاقة مباشرة بين المهارات الكلامية الضعيفة لدى الأولاد ونسبة التوحد العالية لديهم.
وفي عام 1964م أشار بيرنارد ريملاند إلى أن الذكور (بصفة عامة) أكثر تعرضاً وقابلية للإصابة بالضرر العضوي من الإناث سواء كان ذلك من خلال الأمراض الوراثية أو العدوى المكتسبة أو غيرها، وحيث يسود حالياً اعتقاد عام بوجود أسباب عضوية للتوحد وبالتالي فلن تكون هناك غرابة في إصابة الأولاد أكثر من البنات بأعراض التوحد.
وفي السنوات الأخيرة طرح الباحثون أسباباً وشروحاً وراثية لهذا الاختلاف فقد ذهب الباحث إسكوز (Skuse 2000) إلى الجينات (المورثات) تقع على الكرومسومات إكس X (عوامل نقل الصفات الوراثية) وأن البنات يأخذن الكروموسومات إكس (X) من الأم والأب على السواء بينما يأخذ الأولاد كروموسوم إكس (X) واحد فقط من الأم.

وتفترض نظرية إسكوز بأن الكروموسوم الذي ترثه البنت من الأب يحتوى على جين (مورث) منيع ومميز يحمي حامله من التوحد وبالتالي تصبح البنات أقل قابلية للإصابة بالتوحد من الأولاد. وقد استخدمت هذه النظرية لدعم رأي الباحث أسبيرجر الذي يقول بأن أعراض التوحد والأسبيرجر تأتي في النهاية الطرفية للطيف السلوكي الذي يرتبط عادة بالذكورة. ومثل هذه السلوكيات يمكن أن تكون مفيدة جداً في بعض نواحي الحياة مثل الهندسة والعلوم حيث تعتبر العناية بالتفاصيل والاتجاه الواحد للعقل أهم وأعلى قيمة من المهارات الاجتماعية الأخرى.

وقد أورد الباحثان لورد ولاسكويلر (1987م) عدة احتمالات لآلية انتقال التوحد وراثياً من خلال الكروموسوم (X) الناقل للمورثات وكذلك من خلال الانتقال التلقائي لبعض الكروموسومات الأخرى التي ليس لها علاقة بصفات الجنسين. وعلى أية حال فإن ما ذكر مجرد نماذج لنظريات تم تداولها ولكن الحقيقة هي أن العلماء والباحثون لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد مورثات (جينات) بعينها تتسبب في الإصابة بالتوحد. ويبدو أن هناك عدة مورثات (جينات) على عدة كروموسومات لها علاقة بحدوث التوحد وهذا يعني أن نظرية إسكوز Skuse التي تقوم على أساس أن العامل الوراثي (الكروموسوم X) وحده هو المسئول عن جينات التوحد غير صحيحة أو لا تمثل الصورة الكاملة.
لقد ظهرت عدة نظريات (وفرضيات) تحاول تفسير زيادة حالات التوحد والأسبيرجر لدى الأولاد عنها لدى البنات ولكن الصورة الحقيقية لن تكتمل حتى يمكننا أن نفهم بشكل كامل أسباب التوحد وفيما يبدو أنه لا يمكن الحصول على تفسير صحيح لهذا الاختلاف حالياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق